الجُرذُ والسنّور (الفأر والقط) … الجزء الثاني

قال الجرذ: الأصدقاء صديقان: طائع ومضطرٌّ، وكلاهما يلتمس المنافع ويحترس من المضارِّ، فأمَّا الطائع منهما فيُستَرسَل إليه ويوثَق به على كل حال، وأمَّا المضطر فإنَّ له حالاتٍ يُسترسَل إليه فيها، وحالاتٍ يُتَّقى فيها، فلا يزال العاقل يَرتهن منه بعض حاجته ببعض ما يُتقَى وما يُخاف، وليس عامَّة التواصل والتحاب بين الناس إلَّا التماس عاجلِ النفع، وأنا وافٍ لك بما جعلت على نفسي، ومحترسٌ من أن يصيبني منك مثلُ الذي ألجأني إلى صلحك؛ فإنَّ لكل عملٍ حينًا، وإن لم يكن في حينه فلا عاقبةَ له، وأنا قاطعٌ حبائلك لوقتها، غيرَ أنِّي تارك عُقدةً واحدةً أرتهنك بها، فلا أقطعها إلَّا في الساعة التي أعرف أنك عنِّي فيها في شُغُل، ففعل ذلك، وباتا يتحادثان حتى إذا أصبحا إذا هما بالصيَّاد قد أقبل من بعيد. فقال الجرذ: الآن جاء موضع الجِدِّ في قطع بقية حبائلك، فقطع حبائله، ولم يدنُ منهما الصياد حتى فرغ الجرذ، على سُوءِ ظنٍّ من السنَّوْر ودَهَشٍ، فلمَّا أفلت عدا إلى الشجرة فصعدها، ودخل الجرذ الجحر، فأخذ الصيَّاد حبائله مقطَّعة وانصرف خائبًا.

الجُرذُ والسنّور (الفأر والقط) … الجزء الأول

قال دَبشَليم مَلك الهند لبَيْدَبا الفيلسوف: اضرِب لي مَثَلَ رجلٍ كثُر عدوُّه، وحاصروه من كل جانب، فأشرف على الهَلَكة، فالتمس المخرج بموالاة بعض العدوِّ ومصالحته، فسلِم ممِّا يتخوَّف، ووفّى لمن صالح منهم، فأخبرني عن موضع الصلح وكيف يُلتَمس ذلك؟