الميزان الصرفي هو أحد أهم صور الإبداع في لغتنا العربية، وبه تتحدد الكلمات والأوزان، وعلى كفّتيه نعرف الصيغ القياسية المطّردة أو السماعية أو الشاذّة. ولا بد لكل ناهل من نهر العربية الخالد أن يرِد على ذلك الميزان.
وفيما يلي إطلالة على أبرز ملامح ميزان العربية الصرفي:
- لما كان أكثرُ كلماتِ اللغة العربية ثُلاثيًّا، اعتبر علماءُ الصرفِ أنَّ أصولَ الكلماتِ ثلاثةُ أحرف، وقابلوها عند الوزن بالفاء والعين واللام، مصوَّرة بصورةِ الموزون، فيقولون في وزن قَلَمْ: فَعَلْ، بالتحريك، وفي سِبْط: فِعْل، بكسر الفاء وسكون العين، وفى كَرُمَ: فَعُل، بفتح الفاء وضم العين، ويُسمُّون الحرف الأوَّل فاء الكلمة، والثاني عين الكلمة، والثالث لام الكلمة.
- إذا زادت الكلمة على ثلاثة أحرف: إذا كانت زيادتُها ناشئة من أصل وَضْعِ الكلمة على أربعة أحرف أو خمسة، ترتّب على ذلك زيادة لامٍ في الميزان أَو لامين (وزيادة اللامين خاصة بالاسم لا الفعل)، فتقول في وزن دَحْرَجَ: فَعْلَلَ، وفى وزن سَفَرْجَل: فَعَلَّل.
- وإن كانت الزيادة ناشئة من تكرير حرف من أصول الكلمة، كرَّرْتَ ما يقابله في الميزان، فتقول في وزن قدَّم، بتشديد العين: فعَّلَ.
- وإن كانت الزيادة ناشئة من زيادة حرف أو أكثر من حروف (سألتمونيها)، التي هي حروف الزيادة، قابلتَ الأصول بالأصول، وعبّرْتَ عن الزائد بلفظه، فتقول في وزن قائم: فاعِل، وفى وزن تقدَّمَ: تَفَعَّلَ، وفى وزن استخرج: استفعل، وهكذا.
- وإذا كان الزائد مبدّلاً من تاء الافتعال، يُنْطَقُ بها مثل الأصل لا المبَدَّل، تقول في وزن اضطرَب: افتعل، ولا تقول افطعل.
- وإذا حصل حذف في الموزون حُذِف ما يقابله في الميزان، فتقول في وزن قُلْ (فعل الأمر): فُلْ، وفى وزن قاضٍ (الأصل قاضي): فاعٍ، وفى وزن عِدَة (مصدر وعد): عِلَة.
- وإن حصَل قلبٌ في الموزون، حصل أيضا في الميزان، فيقال مثلاً في وزن جاه (الأصل وجه): عَفَلَ، بتقديم العين على الفاء. ولا يحدث هذا القلب إلا بشروط محددة.
بهذا الميزان الدقيق استطاع علماء العربية أن يرجعوا الكلمات إلى أصولها، وأن يفرّقوا بين الصيغ المختلفة، وأن يوجدوا المنهج الواضح الذي يسلكه الدارسون، وتتناقله الأمة من بعدهم لتحفظ لغتها وتاريخها وهويّتها.
ومن الجدير بالذكر أن نعلم أن التطوير في اللغة العربية، مفردات وأساليب وقواعد، يحصل بصورة مستمرة نتيجة للعطاءات المتجددة التي تقدّمها اللغة في كل ميدان، إلا أن الميزان الصرفي لم يطُلْه أي تغيير، وهو ما يؤكد على جهود السابقين ونقاء قريحتهم، وعلى ثبات تلك اللغة العظيمة في وجه العواصف المغيرات.
هيّا يا ولدي، ضع اسمك على الميزان الصرفي، وأرني:
هل اسمك ثلاثي أم رباعي أم خماسي؟!!
هل اسمك مزيدٌ أم مجرّد أصليّ؟!!
هل حدث في اسمك قلب أو تغيير؟!!
هيّا يا ولدي حافظ على اسمك ولغتك في وقت أصبحنا نجد من الأسماء غير العربية تملأ بيوتنا وواجهات محلّاتنا وشوارعنا وأحيائنا بلا حسيب ولا رقيب.. أسماء لا تخضع للميزان في الصرف وفي العقل أيضا!