يلحق تغيير بالأفعال التي تحتوي على أحد أحرف العلة (الألف والواو والياء)، وكذلك يلحق مشتقاتها كاسم الفاعل أو اسم المفعول.. يسمى هذا التغيير في لغة علم التصريف إعلالا.
فالإعلال: هو تغيير حرف العلة للتخفيف، بقلبه، أو إسْكانه، أو حذفه. فأنواعه ثلاثة: القلب، والإسكان، والحذف.
وفي الكلمات الثلاثة التي بين أيدينا (المقالة والمقولة والمقيلة) نريد أن نحدد على أي وجه من وجوه الإعلال سارت حتى تحوّلت لأن تكون كل كلمة منها بحرف مختلف من حروف العلّة.
الخطوة الأولى أن نرجع إلى الأصل الذي تفرّعت عنه، والأصل هو الفعل الثلاثي (قال).
وهذا الفعل أصله (قَوَلَ) .. من أين عرفنا هذا الأصل؟
عرفناه من كلام العرب، فعند رد الكلمة إلى مصدرها (قول) او المضارع منها (يقول)، نعلم أن أصل الحرف الأوسط (واو) وانقلبت إلى (الألف). أي: من (قَوَلَ) إلى (قَالَ). ولماذا حدث هذا التغيير؟
حث هذا التغيير لأن قاعدة الإعلال في هذه الكلمة هي: تُقلبُ الواو، وكذلك الياء، ألفاً بعشرة شروط:
الأول: أن تتحرك، والواو في (قَوَلَ) متحركة.
الثاني: أن تكون الحركة أصلية، وهو متحقق، لأنها عين الكلمة والفتحة فيها أصلية.
الثالث: أن يكون ما قبلها مفتوحًا، والحرف الأول مفتوح.
الرابع: أن تكون الفتحة متصلة في كلمتها، وهو متحقق.
الخامس: أن يتحرك ما بعدها إن كانت عين الكلمة، والواو هنا عين الكلمة، وبعدها لام الكلمة المتحركة بالفتح.
إذن لماذا لم يُقلب المصدر (القول) مثل الفعل (قال).. الجواب لأن الواو (عين الكلمة) في المصدر ساكنة وليست متحركة، ففقدت شرط إعلالها، فظلّت على أصلها.
السادس: ألاّ تكونا عينًا لِفَعِلَ (مكسور العين)، الذى الوصف منه على أَفْعَل، كهَيِفَ فهو أهْيَف، وعَوِر فهو أَعْور. وأما إذا كان الوصف منه على غير أفعل، فإنه يُعَلّ، كخاف وهاب. وكلمة (قال) مفتوحة العين كما ذكرنا.
السابع: ألاّ تكونا عينًا لمصدر هذا الفعل السابق في الشرط (السادس)، كالهَيف وهو ضُمور البطن، والعَوَر، وهو فقد إحدى العينين.
الثامن: ألاّ تكون الواو عينًا لافتعل الدال على التشارك في الفعل، مثل اجْتَوَرُوا واشْتَوَروا، بمعنى تجاوروا وتشاوروا، فإن لم يدل على التشارك وجب إعلاله، مثل: اخْتَان بمعنى خان، واختار بمعنى خار.
التاسع: ألاّ تكون الواو متلوَّة بحرف يستحق هذا الإعلال، فإن كانت كذلك صَحَّت الأولى، وأعلّت الثانية، نحو الحَيَا والهوَى، وربما عكسوا بتصحيح الثانية وإعلال الأولى.
العاشر: ألاّ تكونا عيناً لما آخره زيادة مختصة بالأسماء، كالألف والنون، وألف التأنيث فلا تُعلّ، نحو الجَوَلان (مصدر جَالَ)، والصَّورَى (اسم محل).
إذن تحركت (الواو) بحركة أصلية، وانفتح ما قبلها، في كلمة واحدة، وتحرّك ما بعدها، ولم يكن ما بعدها حرف علّة، وخلت من القوادح الأخرى فاستوفت الشروط، وانقلبت ألفاً.
و(مَقَالَة).. هي المصدر الميمي للفعل الثلاثي (قال)، فتكون على وزن مفعَل (بفتح العين)، فتكون (مَقْوَل) فيها إعلال بالنقل، أي نقل حركة عين الكلمة إلى الساكن الصحيح قبلها، فأصبحت (مقَوْل)، ثم سكنت الواو بعد فتح، فانقلبت ألفاً فصارت (مقال).. ثم لحقتها تاء التأنيث، وهي سماعية غير قياسية في المصدر الميمي، فصارت (مقالة).
و(مقُولة).. هي اسم المفعول من (قال).. يُصاغ اسم المفعول من الفعل الأجوف بزنةِ مضارعه، مع إبدال حرف المضارعة ميما مفتوحة، نحو: قَالَ← يَقُولُ← مَقُولٌ.. وإذا كان اسم المفعول مؤنّثا يجب زيادة تاء التأنيث في آخره.
و(مَقِيلَة).. هي من الفعل قال بمعنى نام وقت القيلولة، ومضارعه: يقيل، وعلى ذلك تكون مقيلة، اسم مفعول او اسم مكان من (قال يقيل) بلا إعلال. وفي التنزيل: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا) الفرقان: 24، أي أحسن فيها قرارا من أوقات قائلتهم (قيلولتهم) في الدنيا كما ذكر الطبري. والله تعالى أعلم.