يملك العربي من فصاحة اللسان وذكاء الجنان ما يستطيع به أن يجيب على ما يعرض له من أسئلة فيقنع السائل ويفحم المجادل.
وفي كتاب ربيع الأبرار ونصوص الأخيار للزمخشري ينقل لنا من فضاء لغتنا الرحيب قبسا من تلك الجوابات، ننتقي لك منها قارئنا الأريب ما يلي:
- قال النبي ﷺ: لا يعدي شيء شيئا. فقال أعرابي: يا رسول الله إن النقبة1 تكون بمشفر البعير أو بذنبه في الإبل العظيمة فتجرب كلها، فقال رسول الله ﷺ: فما أجرب الأول؟، وفي رواية: فما أعدى الأول؟
- ولما أخذ عمر t في التوجه إلى الشام قال له رجل: أندع مسجد رسول الله ﷺ؟ فقال: أدع مسجد رسول الله ﷺ لصلاح أمة رسول الله ﷺ، ولقد هممت أن أضرب رأسك بالدِّرَّة حتى لا تجعل الرد على الأئمة عادة فيتخذها الأجلاف سنّة.
- واجتاز عمر بن الخطاب t بصبيان يلعبون، فهربوا إلّا عبد الله بن الزبير، فقال له عمر: لم لا تفر مع أصحابك؟ قال: لم يكن لي جُرمُ فأفرَّ منك، ولا كانت الطريق ضيّقة فأوسع عليك.
- وقال له يهودي: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم!! فقال له: إنما اختلفنا عنه لا فيه، ولكنكم ما جفت أرجلكم من البحر حتى قلتم لنبيكم: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة!
- ورفع رجلٌ رجلا إلى علي t وقال: إن هذا زعم أنه احتلم على أمي!، فقال: أقمه في الشمس فاضرب ظله.
- وقال رجل لجعفر بن محمد: ما الدليل على الله؟ ولا تذكر لي العالم والعرض والجوهر، فقال له: هل ركبت البحر؟ قال: نعم، قال: هل عصفت بكم الريح حتى خفتم الغرق؟ قال: نعم، قال: فهل انقطع رجاؤك من المركب والملاحين؟ قال: نعم، قال: فهل تتبّعت نفسك أن ثم من ينجيك؟ قال: نعم، قال: فإن ذاك هو الله، قال الله تعالى: (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ)2، (ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ)3.
- وسئل علي t عن مسافة ما بين الخافقين، فقال: مسيرة يوم للشمس!
- وأنشد كُثير عبدَ الملك فقال عبد الملك للأخطل: كيف ترى؟ فقال: حجازيّ مُجوَّعٌ مقرورُ، فدعني أضْغَمْه لك، أي أعَضُّه. فسأل عنه كُثير فقال له: هلّا ضغمتَ الذي يقول:
لا تَطلُبَنَّ خُؤولَةً في تَغلِبٍ فَالزَنجُ أَكرَمُ مِنهُمُ أَخوالا
والتغلبيّ إذا تنحنحَ للقِرى … حكّ استه وتمثّل الأمثالا
فسكت الأخطل فما أجابه بحرف.
1 النقبة هي أول ما يبدو من مرض الجرب.
2 الإسراء، 67.
3 النحل، 53.